السبت، 23 يوليو 2011

ريتشارد ستولمان وحركة البرمجيات الحرة



ريتشارد ستولمان وحركة البرمجيات الحرة

لم تعد العبارة "البرمجيات العمومية المصدر" هذه الأيام من العبارات المستهجنة، أو تلك التي تدفع بمن حولك من عبدة مايكروسوفت و نظام ويندوز، إلى السخرية والاستهزاء بك، وبالمبدأ بأكمله. وعندما تذهب إلى المؤتمرات الصحفية أو تجتمع بأقطاب صناعة الحاسوب في منطقتنا العربية فإنك ستجد الغالبية العظمى منهم على اطلاع حميم بنظام التشغيل لينكس، بل ومجرد أن تذكر أنك أحد المستخدمين، فإنك تلقى إحتراماً أكبر من مستخدمي نظام ويندوز.
لكم تغير الوضع عما كان عليه قبل ثلاثة أعوام حين كان مؤيدو مبدأ البرمجيات العمومية المصدر، أو برمجيات المصدر المفتوح Open Source Software، مجموعة من الأغبياء أو الحالمين على أفضل تقدير، أما اليوم فهم الموضة السائدة، وهنالك كم كبير من البرمجيات عمومية المصدر في الأسواق، بل وتتسابق الشركات العالمية التجارية في التباهي بحجم الشفرة المصدرية التي أتاحتها هذه للعموم، فها هي صن تتيح 8 ملايين سطر من الشفرة للمبرمجين، وها هي آي بي إم تنفق 1 مليار دولار على الترويج لنظام لينكس، وما إلى ذلك من الإعلانات. كما أن نظام لينكس اليوم يشكل 25% من شحنات نظم التشغيل الموجهة لأجهزة الخادم.
وفي حين يعزو البعض هذا النجاح الساحق لثورة المصادر العمومية إلى لينوس تورفالدس، والذي صار أشهر من نار على علم، وانتشرت صوره في المجلات التقنية وغير التقنية، فإن الأب الروحي، والمؤسس الحقيقي لثورة المصادر العمومية (وهو يكره هذه التسمية لأسباب سنذكرها لاحقا)، يبقى مجهولا لدى الكثيرين، يعيش في ظلال مكتب مؤسسته الخيرية، التي أطلق عليها اسم "مؤسسة البرمجيات الحرة"، ويعمل مع فريقه الصغير المؤلف من 15 مبرمجا على تطوير نواة متكاملة لنظام تشغيل "حر" من قيود التبعية التجارية، والتي تقيدت بها هذه الأيام العديد من البرمجيات التي تدعي أنها مجانية أو حرة، وعلى رأسها لينكس. هذا الرجل هو ريتشارد ستولمان.

الجار الصالح

يقول ستولمان عن نفسه، في سيرته الذاتية "الجدية" الموجودة على موقعه الشخصي www.stallman.org والمنشورة في الإصدار الأول من قاموس الهكرة في عام 1983، "تمّ بنائي وبرمجتي في مختبر في مدينة مانهاتن في عام 1953. وفي عام 1971 انتقلت إلى مختبر الذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتقنية. هواياتي هي تقديم المحبة، و الرقص الشعبي العالمي، والطيران، والطهي، والفيزياء، والتلاعب بالكلمات، وقصص الخيال العلمي، والبرمجة؛ وأتقاضى بشكل سحري راتبي مقابل ممارسة هذه الهواية الأخيرة. قبل عام طلّـقت من جهازي PDP-10 والذي اقترنت به طيلة عشرة أعوام، ورغم أننا لا زلنا نعشق بعضنا فإن العالم بدأ ينطلق في اتجاهات جديدة. ولا زلت أعيش حاليا في مدينة كامبريدج، أستذكر ماضينا سويا. اسمي هو ريتشارد ستولمان، ولكنه اسم طويل ومعقد، ولذلك يمكن أن تدعوني RMS" وستولمان شخص يعشق الحرية، ويعشق المبادئ السامية، ويكره الاضطهاد، وزيارة واحدة فقط إلى موقعه الشخصي، والاطلاع على القضايا التي يتبناها ستولمان، كإنسان وكمبرمج، تكشف عن شخصية متعددة الجوانب، عميقة، وتهدف إلى كل ما هو سام في الحياة. وفي بداية السبعينات، وبالتحديد في عام 1971، وعندما بدأ ستولمان بالعمل في مختبر الذكاء الاصطناعي، أصبح جزءا من تقليد عريق، ومجتمع للمبرمجين يقوم على مشاركة البرمجيات بشفرتها المصدرية دون أي حدود أو ضوابط، وهدفه من ذلك جعل عمل المبرمجين والمطورين أكثر إنتاجية. وكان العاملون في المختبر في تلك الأيام يستخدمون نظام تشغيل شبكي اسمه ITS قام المبرمجون في المختبر بتصميمه لأجهزة PDP-10 الإيوانية، وهي الأجهزة التي كانت مستخدمة في ذلك العصر، وكان هذا البرنامج مكتوبا بلغة التجميع. وكانت وظيفة ستولمان هي صيانة النظام وتطويره.
وفي تلك الأيام لم يكن المبرمجون يطلقون على برمجياتهم أسماء مثل "البرمجيات المجانية" أو "البرمجيات الحرة" أو "عمومية المصدر". وكان المبرمجون في تلك الأيام يسمحون للشركات الخاصة وغيرها باستخدام الشيفرة المصدرية لنظم التشغيل، وتعديلها، والإضافة إليها، واستخدامها في مؤسساتهم، بل واستخدام الأفكار الواردة في هذه الشيفرة لابتكار برمجيات جديدة أفضل.
وفي أوائل الثمانينات، ومع ظهور أجهزة الكمبيوتر الشخصي، توقفت شركة ديجيتال عن إنتاج أجهزة PDP-10 حيث أنه لم يعد موائما لمتطلبات تلك المرحلة، أو متوافقا مع التقنيات الحديثة التي توفرت آنذاك. وقبل ذلك بقليل تفتت مجتمع الهكرة العاملين في مختبر الذكاء الاصطناعي، وتحول معظم العاملين فيه إلى شركة جديدة هي شركة سيمبولكس، حيث لم يعد المختبر قادرا على تمويل عملياته.
وكأن هذه الضربة لم تكن كافية لستولمان، فقد كانت نظم التشغيل الجديدة مثل VAX، تعتمد نظم تشغيل خاصة تنتجها الشركات مقابل مبالغ ضخمة من الأموال لترخيصها، كما أنها أصبحت تجبر المبرمجين على توقيع اتفاقيات عدم إفصاح، مما منع مشاركة الشيفرة المصدرية للبرمجيات بين المطورين.
وحسب تفسير ستولمان، فإن توقيع هذه الاتفاقيات كان يعني تخلي الإنسان عن أخيه الإنسان، وتخليه عن مساعدة جاره، كما أن هذه الاتفاقيات دمرت تقليدا تعود أصوله إلى بداية عهد الحوسبة، ومجتمعا قائما على تقاليد سامية. وأصبح القانون الجديد-حسب شركات تطوير البرمجيات التجارية-هو أنك "إذا ساعدت جارك، فإنك ستتحول إلى قرصان. وإذا أردت أي تغييرات أو تعديلات أو تصليحات فإن عليك أن تتوسل وتتسول وتستجدي وتستعطف إلى أن تحصل عليها، هذا بالطبع إذا قررنا أن في مصلحتنا التجارية أن نقوم بذلك." ويقول ستولمان في سيرته الذاتية بأن هذه الفكرة، وفكرة وجود برامج تجارية، هي فكرة لا اجتماعية، وغير أخلاقية، ولا إنسانية، حيث أنها تنفي فكرة مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان، وتربط ذلك بالمصالح التجارية.
وكانت تلك اللحظة بمثابة مفترق طرق بالنسبة لستولمان، والذي صمم في حينها أن يكرس حياته، وأن يعيش لأجل غاية واحدة، وهي تطوير البرمجيات الحرة. والبرمجيات الحرة ليست كالبرمجيات العمومية المصدر، كما أن كون برنامج ما مجاني لا يعني أنه حر. فحرية البرمجيات بالنسبة لستولمان تعني إتاحة الشيفرة المصدرية، أو الوصفة السرية للبرنامج، إلى العالم أجمع، وإتاحة الفرصة للمطورين كي يستفيدوا من هذه الشيفرة المصدرية في تطوير برمجياتهم الخاصة، ومساعدة الغير، شريطة أن يعلنوا عن تغييراتهم وأن يجعلوها هي الأخرى عمومية المصدر وحرة من القيود التجارية. وهذا بالتالي سيقود إلى تسهيل تناقل الإبداع، وتضخيم أثره، وتعظيم فائدته.
رفض ستولمان الانصياع والاستكانة، وأنشأ مؤسسة البرمجيات الحرة Free Software Foundation، وعزم على تكريس حياته لها، وجعل هدفها هو تطوير مجموعة من البرمجيات الحرة التي تغطي كافة احتياجات العاملين في مجال الحوسبة، بدءا بنواة نظام التشغيل، وانتهاء بمعالجات الكلمات وأدوات تطوير البرمجيات، وما إلى ذلك. وقال ستولمان في مقابلة أُجراها معه المحرر التقني في مجلة Salon.com في عام 1998، "عندما نظرت إلى عالم الحوسبة ورأيت الطريق الذي بدأ بسلوكه، قررت بأن ذلك المسلك سيكون مقرفا بالنسبة لي، وبأنني سأقضي حياتي خجلا من نفسي إذا سلكته، وبأنني إذا عملت على تقوية عرش البرمجيات التجارية فإنني سأكون من المسئولين عن جعل العالم مكانا سيئا لمن يعيشون فيه."

برمجيات حرة

كان هدف ستولمان من إنشاء مؤسسة البرمجيات الحرة ، هو إنشاء مجتمع وجيل جديد من المطورين يعود بالبرمجيات إلى بداياتها الفلسفية، أي المشاركة الحرة لها دون قيد أو شرط، وأيضا التعاون الحر بين المبرمجين والمستخدمين على تطوير البرمجيات. ويقول ستولمان بأن الحياة في مجتمع "حر" تختلف عن الحياة في مجتمع "حمائي" أو "خصوصي" أو "معزول"، ففي هذه المجتمعات الخصوصية تتشكل طريقة تعاملنا مع الآخرين من خلال الخوف، الخوف من شرطة الأفكار أو شرطة المعلوماتية، والذين يمثلهم حاليا اتحاد منتجي البرمجيات التجارية. وانطلاقا من هذه المبادئ، عمل ستولمان ليل نهار لمدة عامين متواصلين. وكان نتيجة جهوده الأولية هذه هو برنامج emacs ، وهو معالج نصوص شامل لنظم يونيكس. ولما كانت مؤسسة البرمجيات الحرة تبيع البرنامج كشيفرة مصدرية غير مولفة، فقد عمل مطورون مختلفون من جميع أنحاء العالم على إضافة بعض الميزات إلى البرنامج، وتوليفه ليعمل ضمن بيئات مختلفة. وهذه الأيام أصبح EMACS برنامجا هائلا يمكن العاملين ضمن نظم يونيكس من تأدية العشرات من المهام سواء كانت تحرير النصوص، أو تصفح إنترنت، أو كتابة البريد الإلكتروني، أو تطوير البرمجيات، الخ.
ويطلق ستولمان على برمجياته اسم GNU وهي اختصار للعبارة GNU's Not Unix والتي تلخص معارضته لنظام يونيكس، والذي صار في حقبة الثمانينيات نظاما خاصا تجاريا مقفل المصدر ، يعارض كل ما يؤمن به ستولمان. ومنذ تطوير emacs قام ستولمان ورفاقه (وكثير منهم من المتطوعين) في المؤسسة بتطوير العشرات من البرمجيات الحرة. والتي تعمل ضمن رخصة أطلق عليها ستولمان اسم GPL GNU Public License والتي تنص على أنه يمكن لكل من يمتلك أحد برامج GNU أن يقوم بنسخه، أو تغييره، أو تعديله، وحتى بيعه طالما كانت الشيفرة المصدرية والتعديلات التي يقوم بها هؤلاء متاحة لجميع مستخدمي البرنامج دون تمييز. ورغم عشرات البرمجيات التي قام ستولمان ورفاقه بتطويرها ، والتي اقتربت إلى حد كبير من تشكيل نظام تشغيل متكامل، فإن نظامهم كان يفتقر إلى نواة لهذا النظام، وهو ما كانوا يعملون عليه تحت اسم HURD . وفي أواخر الثمانينات، ألهمت جهود ستولمان شخصا فنلنديا باسم لينوس تورفالدس، والذي قام بإنشاء نواة لنظام تشغيل (اعتمادا على الكثير من الكود الذي كتبه ستولمان) أطلق عليها اسم لينكس ، وأتاحها للعموم باستخدام GPL ، والبقية كما يقولون أصبحت في عداد تاريخ الحوسبة المعاصرة.

صراع بين العمومي والحر

في حين أن البرمجيات الحرة تعني "الحرية المطلقة" في استخدام البرمجيات وشيفرتها المصدرية، فإن "عمومية المصدر" تعني إتاحة الشيفرة المصدرية للبرنامج للعامة من المطورين والمستخدمين، ولكن في الوقت نفسه تقييد حرية هؤلاء في إجراء تعديلات على البرمجيات أو توزيعها.
يقول ستولمان أن مفهوم "حرية البرمجيات" تعرض للتشويه في عام 1998 عندما صمم بعض أعضاء مجتمع البرمجيات الحرة استخدام مفهوم عمومية المصدر. وبالنسبة للبعض كان السبب في ذلك هو أنن أعضاء المجتمع أرادوا أن يفرقوا ما بين حر ومجاني—وهو هدف جيد. ولكن ما ضايق ستولمان هو أن آخرين أرادوا أن ينحوّا جانبا المبادئ التي تقوم عليها حركة البرمجيات الحرة، إرضاء لرجال الأعمال والمستثمرين، وتجار الأوراق المالية، والمستخدمين في المؤسسات الذين يريدون الدعم الفني دوما. ويرى ستولمان بأنه رغم أن الشركات التي تنتج البرمجيات عمومية المصدر ترغب في إنتاج برمجيات قوية وذات نوعية عالية، فإنها تتجاهل المبادئ الأساسية وهي الحرية، والمبدأ، والمجتمع.
ويقول ستولمان بأن المجلات المتخصصة في لينكس هي مثال حي على ذلك، حيث أنها تقوم على نشر إعلانات الشركات التجارية التي تنتج برمجيات "غير حرة" تعمل ضمن نظام لينكس الحر، في حين أنها تتجاهل الإعلان عن البرمجيات الحرة الجديدة. ورغم أن الحصول على دعم المؤسسات الكبرى للبرمجيات الحرة هو أمر هام بالنسبة لستولمان، فإنه يرى أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب حرية البرمجيات ومستخدميها.
ويرى ستولمان أن حركة المصادر العمومية أدخلت العديد من التهديدات إلى البرمجيات الحرة، وأول هذه التهديدات هو قيام الشركات الكبرى باستخدام برمجيات حرة ضمن معدات غير حرة، حيث أن الشركات المنتجة للمعدات تحافظ دوما على سرية التفاصيل التقنية التي تدخل في إنتاج معداتها، مما يقيد حرية مستخدمي البرمجيات الحرة. أما التهديد الثاني فهو قيام بعض شركات البرمجيات بإنتاج برمجيات غير حرة لتعمل ضمن نظم التشغيل الحرة، وهو أمر مغر للكثيرين، ولكنه يؤدي في النهاية إلى عواقب وخيمة للمستخدمين، وتقييد حريتهم في الاستغلال الأمثل لنظم التشغيل والبرمجيات الحرة. (وضمن هذا التصنيف، فإن الكثير من البرمجيات التي تم إنتاجها لتعمل ضمن نظام لينكس ليست حرة، وبالتالي فإنها لا تفيد حركة المصادر العمومية بشيء). أما التهديد الثالث فهو براءات الاختراع التي يتم وضعها على البرمجيات المضمنة في البرمجيات الحرة، وهو الأمر الذي يعيق مشاركة التقنية، ونشرها، وتعديلها، أو على الأقل تأخير ذلك. وأخيرا يرى ستولمان أن هناك افتقارا في مجتمع البرمجيات الحرة لأدلة الاستخدام الحرة الجيدة. ومرة أخرى، فالحرية لا تعني المجانية، ففي عالم البرمجيات الحرة، يجب أن يكون للمستخدمين الذين يقومون بإدخال التعديلات على هذه البرمجيات الحرية في تعديل دليل الاستخدام ليغطي هذه التعديلات، دون التعرض للملاحقة القضائية. ويمكن عمل ذلك بالإشارة إلى المؤلف الأصلي، وتضمين نسخة من دليل الاستخدام الأصلي وما إلى ذلك. ولهذا السبب فإن ستولمان يرى أن شركات مثل أورايلي، ورغم أنها تنتج أدلة استخدام ممتازة، فإن افتقارها إلى الحرية، وتمسكها بحقوق الطبع والملكية الفكرية، يجعل منها مصدر تهديد لمجتمع مطوري البرمجيات الحرة.
ويرى ستولمان أن أفضل طريقة لمواجهة هذه التهديدات تكمن في مواصلة العمل والاجتهاد وحتى الجهاد في سبيل قضية الحرية. حرية كل شيء، بدءا بالإنسان، وانتهاء بحرية الموسيقى، والفن والأدب والصحافة، وبرمجيات الكومبيوتر. وقال ستولمان في مقابلة أجراها مع مجلة ألمانية ونشرها موقع slashdot.org باللغة الإنجليزيةK "عندما تكون في حملة للجهاد من أجل الحرية، فإن نتيجة المعركة تتوقف على ما يراه العامّة أو الشعب. وإذا أصرّ عدد كاف من هؤلاء على الاحتفاظ بحريتهم والدفاع عنها، فإن الغلبة ستكون للحرية في نهاية الأمر".

لا يأس مع الحياة

يؤمن ستولمان بمبدأ المحاولة المستمرة، ونبذ اليأس والاستسلام، حيث يقول، "لقد أنجزت معظم أعمالي مشككا فيما إذا كان بمقدوري أن أؤدي المهام التي حددتها لنفسي، وغير متأكد من كفاءة قدراتي لإنجاز المهام الضخمة التي ألقيتها على عاتقي. ولكنني حاولت، واجتهدت، لأن خط الدفاع الوحيد بين ما أؤمن به وبين العدو هو أنا. وفي أحيان كثيرة، فاجأت نفسي وانتصرت، وربحت.
وفي أحيان أخرى فشلت، وسقطت بعض المبادئ التي كنت أقوم بحمايتها، فماذا فعلت؟ عملت وعثرت على مبدأ آخر لأحميه، وأخذت في الاستعداد لمعركة جديدة. وبمرور الزمن تعلمت أن أبحث عن المخاطر، وأن أضع نفسي على الخطوط الأمامية للمعركة، وأن أدعو رفاقي ليحاربوا معي.
هذه الأيام يتبنى ستولمان من خلال موقعه الشخصي www.stallman.org جميع قضايا لحرية، وكل ما له علاقة بالحرية. بدءا من حقوق المسلمين والعرب في الولايات المتحدة، وانتهاء بحق تبادل الموسيقى عبر إنترنت بنسق MP3.

ستولمان والسياسة الأمريكية

بعد أحداث 11 أيلول، قام الصقور السياسيين والعسكريين في الولايات المتحدة، بالمناداة بإجراء تغييرات وتعديلات على الحريات الشخصية التي يتمتع بها المواطن الأمريكي دستوريا، مستغلين في ذلك حالة الرعب والهلع التي سادت الأجواء في الولايات المتحدة بعد تلك الأحداث المأساوية. يؤمن ستولمان بقول ردده بنجامين فرانكلين، وهو أحد مؤسسي الولايات المتحدة حين قال، "إن الأمة التي تضحي، ولو بجزء قليل من حريتها، لتحمي نفسها من الخوف، هي أمة لا تستحق الحياة." وكي يحث الأمريكيين على عدم التضحية بحرياتهم الأساسية قام ستولمان بنشر المقال القصير التالي:

ألوف الموتى، وملايين يُحرمون من الحرية؟

أسوأ الإصابات التي يمكن أن تحدث للأعصاب هي الإصابات الثانوية—أي تلك التي تحدث في الساعات التي تلي الإصابة الأولية، حيث يستجيب الجسم للإصابة بقتل المزيد من خلايا الأعصاب. ويعمل الباحثون حاليا على اكتشاف طرق لمنع هذه الإصابات الثانوية، والتخفيف من حدة الإصابة الكلية.
وإذا لم نحترس، فإن الهجمات المميتة التي حدثت في نيويورك وواشنطن، ستؤدي إلى آثار ثانوية أسوأ من الآثار الفورية لهذه الهجمات، خصوصا إذا ما تبنى الكونغرس الأمريكي "إجراءات وقائية" تسلب من الأمريكيين الحريات التي ينعمون بها ويدافعون عنها.
وأنا لا أتكلم هنا عن تفتيش المسافرين في المطارات، أو تفتيش أمتعتهم، ما دامت عمليات البحث هذه ستقتصر على الأسلحة، ولم تسفر عن الاحتفاظ بسجلات خاصة عن تحركات الأشخاص والمسافرين، فإنها مجرد إزعاج ولا تتعدى على الحريات الشخصية. ولكن ما يقلقني هو أن تستغل الحكومة هذه الأحداث للتجسس على كافة نواحي الحياة الشخصية للفرد الأمريكي، بما في ذلك المكالمات الهاتفية، والبريد الإلكتروني، وتحركاتنا الشخصية.
وينادي البعض اليوم بإدخال برمجيات كتلك التي تقوم بفحص وجوه رواد المطارات ومطابقتها إلكترونيا مع قواعد بيانات تحتوي على تفاصيل الإرهابيين المعروفين في العالم. وهناك بعض أقطاب صناعة التقنية المتحمسين لمثل هذه الحلول. ولكنني أتساءل هنا إذا ما كانت تقنيات التعرف على الوجوه ستنجح فيما فشل به البشر. إنني أشك في ذلك. ولكن ذلك لن يمنع الوكالات الاستخبارية من المناداة بمثل هذه المخططات وغيرها والتي تدعو إلى التجسس على حياة البشر، والسبيل الوحيد لمنعهم هو أن يعارض العامة هذا التوجه. والأكثر من ذلك هو أن الحكومة بدأت تنادي بضرورة وجود ثغرة في برمجيات التشفير وبعثرة البيانات يمكنهم من خلالها فك الرسائل المشفرة.
وفي هذه الأثناء قام الكونغرس بمنح الرئيس الأمريكي صلاحيات كاملة لاستخدام الجيش والقوة في الانتقام ممن قاموا بهذه الهجمات. وربما يكون الانتقام مبررا إذا ما كان بالإمكان تحديد هوية المعتدين، واستهدافهم بدقة، ولكن على الكونغرس مسئولية فحص القرارات والتدقيق بها، ومنح الرئيس مثل هذه الصلاحيات في ساعة الغضب هو ما أدى إلى تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام.
أرجو من الجميع الاتصال بممثليهم في الكونغرس، وبرئيسنا غير المنتخب، ودعهم يعلمون بأنكم لا تريدون أن تكون حرياتكم الشخصية وحقوقكم المدنية هي ضحية الإرهاب التالية—لا تنتظروا فمشروع القانون يوشك أن يحصل على الموافقة.

الجمعة، 22 يوليو 2011

من هو ريتشارد ستولمن



ريتشارد ماثيو ستالمان (ولد 16 مارس 1953)، يختصر إسمه عادة ب rms, هو ثوري أمريكي في مجال حريّة البرمجيات ومبرمج حاسوب. في سبتمبر 1983، إطلق مشروع جنو  لإنشاء نظام تشغيل كيونكس لكنه حر، وكان المنظم وكبير مهندسي المشروع. بإطلاقه لمشروع جنو، بدأ حركة البرمجيات الحرة؛ في أكتوبر 1985 أنشأ مؤسسة البرمجيات الحرة (FSF).
ستالمان كان من طلائع من رفعوا مبدأ (copyleft)، مبدأ يحاول معالجة جور حقوق النسخ وإحتكاراتها، وهو المؤلف الرئيس لعدد من الرخص الحرّة مثل GPL؛ وهي الرخصة الحرة الأوسع إستخداما في البرمجيات.. منذ أواسط التسعينات من القرن المنصرم، قضى ستالمان معظم وقته في لمناصرة البرمجيات الحرة، بالإضافة إلى حملات ضد براءات الإختراع بالبرمجيات وما يراه على أنه تعميم مفرط لقوانين حقوق النسخ. كذلك طور ستالمان عددا من البرامج الواسعة الإستخدام، من ضمنها محرر Emacs الأصلي,تجميعة مصرِّفات جنو GNU Compiler Collection, ومتتبع جنو،والعديد من الأدوات في حزمة أدوات جنو الأساسية. كما شارك في تأسيس إتحاد البرمجة الحرة في 1989.

محتويات

سنواته الأولى

ولد ستالمان لأبيه دانيال ستالمان وأمه أليس ليببمان،عام 1953 في مدينة نيو يورك. وكانت أول تجربه له مع الحاسوب عندما كان لا يزال في مرحلة دراسته الثانوية في مركز أي بي إم نيويورك العلمي. حيث حصل على وظيفه خلال الصيف ليكتب برنامجا للتحليل الرياضياتي بلغة فورتران. أنهى ستالمان المهمة في بضع أسابيع وقضى بقية الصيف في كتابة محرر نصوص بلغة APL. أما الصيف اللاحق لتخرجه من المدرسة الثانوية فأمضاه ستالمان في كتابة معالج تمهيدي للغة PL/I لأنظمة أي بي إم System/360.
في تلك الأثناء، كان ستالمان أيضا متطوعا كمساعد مختبر في دائرة الأحياء في جامعة روكفيلير. وبالرغم من أن مستقبله المهني كان قد بدأ يتوضح في مجال الرياضيات أو الفيزياء، إلا أن البروفسور الذي كان يدرسه في جامعة روكفيللير إعتقد أن لديه مستقبلا باهرا كعالم أحياء.
كطالب في سنته الأولى في جامعة هارفرد، عُرف ستالمان لأداءه المتميز في مساق الرياضيات Math 55. وفي عام 1971 أصبح مبرمجا في مختبرات معهد ماساشوستس التقني للذكاء الصناعي، وأصبح جزءا من مجتمع الهاكرز، حيث كان يعرف بالأحرف الأولى لإسمه (rms) والذي كان يسمى به حساباته على الأجهزة. في النسخة الأولى من كتاب "قاموس الهاكرز"، كتب ريتشارد ستالمان ""ريتشارد ستالمان" هو إسمي الدنيوي الممل؛ يمكنكم تسميتي بـrms"  تخرج ستالمان من جامعة هارفرد magna cum laude حاصلا على درجة البكالوريوس في الفيزياء عام 1974.
إلتحق بعدها ستالمان بالدراسات العليا في جامعة ماساشوستس كدارس للفيزياء، لكنه آثر وضع جل وقته في البرمجة في مختبرات الذكاء الإصطناعي وبالتالي ترك دراسته العليا. وآثر البرمجة على درجة الدكتوراة في الفيزياء.
في حين كان يدرس كطالب دراسات عليا في جامعة ماساشوستس التقنية، نشر ستالمان بحثا حول الذكاء الصناعي truth maintenance system بعنوان dependency-directed backtracking with Gerald Jay Sussman.[12] كان هذا البحث أحد الأعمال المبكرة حول موضوع intelligent backtracking في constraint satisfaction problems. وحتى اليوم تعتبر تقنية ستالمان وسوسمان (sussman) هي أكثر الأشكال عمومية وقوة من intelligent backtracking. تقنية constraint recording، حيث نتائج جزءية من بحث يتم تخزينها لإستخدامها لاحقا، تم تقديمها في ذلك البحث أيضا.

كهاكر في مختبرات MIT للذكاء الإصطناعي، عمل ستالمان على مشاريع مثل TECO و Emacs ونظام تشغيل Lisp Machine. كما أصبح منتقدا حادا لقيود إستخدام أجهزة المختبر، والذي كان آنذاك ممولا من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة. فعندما إستخدمت ال MIT نظام كلمات المرور لتحديد من يستخدم أجهزة المختبر، وجد ستالمان طريقة لفك التعمية عن كلمات المرور وأرسل للمستخدمين كلمات مرورهم بالبريد الإلكتروني مرفقة بإقتراح بتغييرها إلى كلمة مرور فارغة، وذلك لإعادة إمكانية الدخول للجميع دون الحاجة إلى كلمة مرور. عمل حوالي 20% من المستخدمين بنصيحته وقتها. وبالرغم من إستخدام كلمات المرور ساد في النهاية. إلا أن ستالمان تفاخر بنجاح تلك الحملة لسنوات تلت.

إضمحلال ثقافة الهاكرز في الMIT

في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات من القرن المنصرم، بدأت ثقافة الهاكرز التي إزدهر فيها ستالمان بالإنقسام. وليمنع منتجوا البرمجيات إستخدام برامجهم على أجهزة منافسيهم، قام معظم منتجوا البرمجيات بالتوقف عن توزيع شيفرة المصدر وبدأوا بإستخدام حقوق النسخ وتراخيص تحديدية لوضع حدود او حتى منع النسخ وإعادة التوزيع. مثل هذا التوجه كان موجودا سابقا، وأضحى من الواضح أنه سيصبح الشكل السائد. هذا التغير في الصفات القانونية للبرامح يمكن إعتبارة كنتيجة لما أفرزه قانون الولايات المتحدة الأمريكية لحقوق النسخ للعام 1976، كما صرّح زميل ستالمان في الMIT برويستر كاهل
عندما قام برايان ريد عام 1979 بتطبيق "القنابل الزمينة" (الإيقاف لعمل البرنامج بعد فترة من الزمن إن لم يكن مرخصا) في برنامج Scribe لتحرير النصوص، إعتبره ستالمان "جريمة ضد الإنسانية"[ وأوضح بعدها بسنوات بأن تحديد حرية المستخدم هي التي يعتقد أنها جريمة، وليس فرض رسوم ثمنا للبرامج.
في عام 1980، منع ستالمان وهاكرز آخرون من الإطلاع على شيفرة المصدر لبرنامج لطابعة الليزر المثبتة حديثا هناك، Xerox 9700. عدّل ستالمان برمجية طابعة الليزر السابقة (XGP Xerograhpics)، بحيث ترسل رسالة في البريد الإلكتروني للمستخدم عندما تتم مهمة طباعة له أو لها، ويعلم كل المستخدمين الوالجين للنظام المنتظرين لإنتهاء مهام الطباعة خاصتهم إن علقت الطابعة لسبب ما. عدم القدرة على إضافة تلك الإمكانيات للطابعة الجديدة كان إزعاجا كبيرا، حيث أن الطابعة كانت في طابق يختلف عن ذلك الذي يتواجد فيه معظم المستخدمين. أقنعت هذه التجربة ستالمان بحاجة الناس لأن يكون لديهم الحرية لتعديل البرامج التي يستخدمونها.

أنشأ ريتشارد جرينبلات، هاكر آخر في مختبرات الذكاء الصناعي، شركة آلة ليسب Lisp Machines, Inc. لتسويق نظام تشغيل Lisp machine، والذي قام بتصميمه مع توم نايت في المختبر. رفض جرينبلات الإستثمار الخارجي، مقتنعا بأن عوائد بناء وإعداد وبيع بضع أجهزة سيكون مربحا ويمكن إعادة إستثماره لنمو الشركة. في المقابل، شعر الهاكرز الآخرون بأن الإستثمار برأس مال خارجي سيكون أفضل. بسبب عدم التوافق على الإستثمار الخارجي من عدمه، قام مجموعة الهاكرز من مؤيدي التوجه الثاني بإنشاء Symblics، بمساعدة روس نوفتسكير، أحد مدراء مختبرات الذكاء الإصطناعي. وظفت Symblics معظم الهاكرز المتبقين ومن ضمنهم بيل جوسبر الذي ترك مختبر الذكاء الصناعي آنذاك. كما أن Sybolics أجبرت جرينبلات على الإستقالة بالإشارة إلى سياسات الMIT. في حين أن كلا الشركتين أنتجت برمجيات متملكة، إلا أن ستالمان كان يعتقد أن الشركة الأولى وعلى عكس الشركة الثانية، حاولت عدم الإضرار مجتمع المختبر. ولعامين، منذ 1982 وحتى نهاية 1983، عمل ستالمان بنفسه على إستنساخ مخرجات برامج Symbolics، بهدف منعهم من الحصول على إحتكار لأجهزة المختبر.

يجادل ستالمان بأنه يجب أن يكون لدى مستخدمي البرامج الحرية للمشاركة مع جيرانهم، وأن يكون بإمكانهم دراسة وعمل التعديلات على البرامج التي يستخدمونها. ويؤكد أن محاولات شركات البرمجيات المملوكة منع ذلك هي ممارسة لا مجتمعية ولا أخلاقية. [20] تنسب عبارة "البرامج تريد أن تكون حرة" تنسب إليه خطأً، ويقول ستالمان أنها سوء صياغة لفلسفته.[21] ويجادل أن الحرية ضرورية وحيوية لأجل المستخدمين والمجتمع كقيمة أخلاقية، وليس لأسباب عملية وحسب مثل إمكانية بناء وتطوير برمجيات أفضل ومتفوقة.
في فبراير عام 1984، ترك ستالمان عمله في الMIT ليعمل بدوام كامل على مشروع جنو، الذي أعلن عن في سبتمبر 1983.

مشروع جنو

أعلن ستولمان الخطة المقررة لنظام التشغيل جنو في سبتمبر 1983 على عدة قوائ بريدية لARPNET و USENET.
في 1985، نشر ستالمان "بيان جنو"، والذي وضع الخطوط العريضة للدوافع وراء إنشاء نظام تشغيل حر إسمه جنو والذي سيكون متوافقا مع نظام يونكس. والإسم سيكون إختصارا تكراريا ل"جنو ليس يونكس". بعد ذلك بوقت قصير، بدأ شركة لا ربحية أسمها مؤسسة البرمجيات الحرة لتوظيف مبرمجين وتوفير بنية تحتية قانونية لحركة البرمجيات الحرة. ستالمان هو رئيس مؤسسة البرمجيات الحرة (دون حصوله على راتب) والتي هي مؤسسة غير ربحية تحت البند 501(c)(3) وجدت في ماساشوستس.
أشاع نشاط ستالمان شعبية مبدا copyleft، كآلية قانونية لحماية حقوق التعديل وإعادة التوزيع للبرمجيات الحرة. وتم تطبيقها لأول مرة ضمن رخصة جنو إيماكس العامّة، وفي عام 1989 صدرت أول رخصة غير محددة لبرنامج معين هي رخصة جنو العامّة أو GPL. وبحلول ذلك الوقت، كان جزء لا بأس به من نظام جنو قد تمّ فعلا. وكان ستالمان شارك في العديد من الأدوات الضرورية، من ضمنها محرر النصوص Emacs، مُصرّف GCC و مصححgdb وبرنامج البناء التلقائي gmake. الإستثناء الواضح كان النواة. في عام 1990، بدأ أعضاء في مشروع جنو بناء نواة إسمها جنو هيرد، والتي لا زالت تحتاج للوصول إلى درجة من النضوج للإستخدام على نطاق واسع.
في عام 1991، قام طالب فنلندي هو لينوس تورفالدز بإستخدام أدوات جنو لإنتاج نواة لينكس. الأدوات الموجودة فعلا من مشروع جنو كانت جاهزة للعمل على المنصة التي نتجت؛ معظم المصادر تشير بالإسم لينكس لنظام التشغيل العام الإستخدام الذي نشأ. وكان هذا محط جدال طويل في مجتمع البرمجيات الحرة. يجادل ستالمان أن عدم إستخدام جنو في الإسم هو سخرية غير عادلة من قيمة الدور الذي لعبه مشروع جنو، ويضر بإستدامة حركة البرمجيات الحرة عبر كسر العلاقة بين البرمجيات وفلسفة البرمجيات الحرة لمشروع جنو.
صورة غلاف كتاب أوريلي ميديا حرة كما في الحرية (Free as in Freedom)
تأثير ستالمان على ثقافة الهاكرز يصل إلى الإسم POSIX ومحرر النصوص Emacs. ففي أنظمة يونكس، تنافست شعبية جنو إيماكس مع محرر نصوص آخر هو vi، مولدا ما عرف بحرب محررات النصوص. آخذ ستالمان لنفسه لقب آغنوسيوس (IGNUcuius) كنيسة إي ماكس من باب الدعابة، مستخدما إسمه شبيه بأسماء القديسين مشيرا إلى تقديمه لمحرر نصوص جديد كأنه تبشير بذلك المحرر أمام آخرون يتعاملون مع إستخدامهم للمحرارات النصية بشكل أقرب للعقائدي. ومسلما بأن vi هو محرر الشيطان، بينما إستخدام نسخة حرّة من المحرر vi لا يعتبر خطيئة، بل يعتبر كفارة، مشيرا ثانية إلى أن النقطة الأساسية بالنسبة له هي كون البرمجيات حرة أم لا.
في حدود عام 1992، كان مطورون يعملون في شركة Lucid Inc. يعملون بإستخدام محرر النصوص Emacs إختلفوا مع ستالمان وخرجوا في النهاية بنسخة مشتقة من Emacs عرفت لاحقا بإسم XEmacs. شخّص الصحافي في مجال التقنية آندرو ليونارد ذلك بما رآه عناد ستالمان الرافض للتسويات على أنه شائع بين نخبة مبرمجي الحاسوب قالب:Bquote

نشاط البرمجيات الحرة

ستالمان يلقي محاضرة حول "البرمجيات الحرة وحريتك" في biennale du design of Saint Etienne (2008)
كتب ستالمان العديدي من المقالات حول حرية البرمجيات منذ بدايات تسعينات القرن المنصرم وكان مناضلا سياسيا مفوها لأجل حركة البرمجيات الحرة. الخطابات التي ألقاها بشكل معتاد كانت معنونة ب"مشروع جنو وحرة البرمجيات الحرة"،[ مخاطر براءات الإختراعات في البرمجيات، و حقوق النسخ والمجتمع في عصر شبكات الحاسوب. موقفه اللامتنازل تجاه القضايا الأخلاقية فيما يخص الحاسوب والبرمجيات أدى بأن يوصف من قبل البعض بالراديكالي (المتطرف) والمتشدد. في الاعوام 2006 و2007، وخلال فترة الإستشارة العامّة لمسودة النسخة الثالثة من رخصة جنو العام GPL والتي إمتدت لثمانية عشر شهرا، أضاف موضوعا رابعا يوضح فيه الهدف من التغييرات.
سعى ستالمان للحصول على مناصرة للبرمجيات الحرة أوحى له ب ريتشارد ستالمان الإفتراضي (Virtual Richard M. Stallman (vrms))، برنامج يحلل الحزم المثبتة على نظام ديبيان جنو/لينكس، ويخبّر عن تلك الحزم الآتية من مصادر غير حرّة. لكن يختلف ستالمان مع أجزاء من تعريف دبيان للبرمجيات الحرة 
في عام 1999 دعا ستالمان لتطوير موسوعة على الشبكة عبر دعوة العموم للمشاركة في كتابة المقالات. أنظر GNUPedia
في فتزويلا، ألقى ستالمان خطابا عاما وروّج تبنى البرمجيات الحرة في شركة النفط المملوكة للدولة(PDVSA)، في الإدارات البلدية، في الجيش. وبالرغم من الدعم العام لهوغو شافيز، إلا أنه إنتقد بعض السياسات في بث تلفزيوني، حول حقوق حرية التعبيير، وكذلك في لقاء خاص مع شافيز وفي خطابات عامّة في فنزويلا. كان ستالمان في المجلس الإستشاري لمحطة التلفزيون لأمريكا اللاتينية منذ إنطلاقهالكنه إستقال في فبراير 2011 منتقدا سياسات الدعاية المؤيدة للقذافي خلال الثورات في شمال أفريقيا.
في اغسطس 2006 وخلال لقاءه مع الحكومة ولاية كيرالا الهندية، أقنع المسؤولين بالتخلي عن البرمجيات المملوكة، مثل مايكروسوفت في المدارس الحكومية. أدى ذلك في قرار تاريخي بتحويل نظام التشغيل المستخدم في 12500 مدرسة من أنظمة مايكروسوفت ويندوز إلى نظم تشغيل حرّة.
بعد لقاء خاص، حصل ستالمان على تصريحات إيجابية حول حركة البرمجيات الحرّة من رئيس الهند في ذلك الوقت، د. عبدول كلام French 2007 presidential candidate Ségolène Roya ومن رئيس الإكوادور رفائيل كوريا.
051118-WSIS.2005-Richard.Stallman.ogg
Richard Stallman giving a speech at WSIS-2005
شارك ستالمان في مظاهرات حول الملكية الفكرية للبرمجيات والبرمجيات المملوكة.
وفي تظاهرة ضد البرمجيات المملوكة في 2006، حمل ستالمان يافطة كتب عليها "لا تشتروا من ATI، عدوة حريتكم" خلال خطاب ممثل لATI في البناية التي يعمل فيها ستالمان، مما أدى إلى دعوة الشرطة. لاحقا تم دمج بين شركة ATI وشركة AMD وأخذت مذّاك خطوات نحو جعل توثيق العتاد متوفرا للإستخدام من قبل مجتمع البرمجيات الحرّة.
كذلك ساعد ستالمان ودعم مشروع International Music Score Library Project في العودة إلى شبكة الإنترنت، بعد أن تم إقفالها في أكتوبر 2007 بعد رسالة cease and desist من Universal Edition.
حاسوب ستالمان الوحيد هو حاسوب محمول من Lemote Yeeloong (ويعمل بمعالج Loongson من ذات الشركة) والذي إختاره لأنه يمكنّه من إستخدام برمجيات حرّة حتى على مستوى نظام الإدخال والإخراج الأساسي BIOS، مؤكدا موقفه بقوله "الحرية هي أولويتي، لقد ناضلت من أجل الحرية منذ 1983، ولن اسلّم تلك الحرية لأجل جهاز حاسوب أكثر راحة"ليموت هو مشروع مشترك بين معهد تكنولوجيا الحوسبة التابع ل أكاديمية العلوم الصينية، مؤسسة تابعة لمجلس الدولة الصينية.
يقول ستالمان أن حكومة الولايات الأمريكية المتحدة تشجّع إستخدام الحوسبة الغمامية لأنها تسمح لهم بالوصول إلى بيانات المستخدمين دون الحاجة إلى مذكرة تفتيش.


حصل ستالمان على الاتية، عرفانا وتقديرا له على أعماله:


الخميس، 21 يوليو 2011

وقائع زيارة العالم ريتشارد ستالمان لفلسطين




وقائع زيارة العالم ريتشارد ستالمان لفلسطين


ضمن مبادرتها المستمرة لدعم البرمجيات الحرة في فلسطين، نظمت مبادرة مجتمع البرمجيات الحرة الفلسطيني في الفترة من 14 تموز إلى 18 تموز من العام الجاري


    اربع ندوات علمية في كل من مقر بيتا لاتحاد شركات تكنولوجيا المعلومات وجامعة بيرزيت والجامعة العربية الامريكية وجامعة النجاح الوطنية .
وتسعى هذه الندوات التي تستهدف كلا من أخصائيي تقنية المعلومات والأكاديمين من الجامعات وصانعي القرار ، بالإضافة إلى الباحثين عن العمل، إلى رفع مستوى الوعي بوجود البرمجيات الحرة والتطبيقات المختلفة، وتقديمها كبديل للبرمجيات الاحتكارية، كما تهدف هذه الندوات لتعزيز وتشجيع استخدام هذه البرمجيات في المؤسسات العامة وكذلك بالنسبة للأفراد، وبناء القدرات اللازمة لاستخدام وتطوير ودعم البرمجيات من خلال التدريب المتخصص، بالإضافة إلى تشجيع البحث والتطوير في البرمجيات ونشرها لإيجاد أفضل الممارسات، بالإضافة لتشجيع ودعم الإبداع والابتكار في تطوير حلول البرمجيات والخدمات، وتوفير الدعم التقني اللازم لتطوير ونشر حلول البرمجيات في القطاع العام، وذلك للمساهمة في رفع مستوى الوعي حول حقوق الملكية الفكرية من خلال تشجيع الجمهور على استخدام البرمجيات، للحد من استخدام البرامج المقرصنة ومحاولة القضاء عليها.


نبذه عن العالم ستالمان :


ريتشارد ستولمان، ، هو عالم رياضيات وكمبيوتر، وباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ، وأيقونة مركزية لدعاة ومتطوعي البرمجيات الحرة .
ستالمان هو رئيس مؤسسة البرمجيات الحرة ومؤسس مشروع GNU وهو صاحب ترخيص GPL أول ترخيص حر يعتمد مبدأ COPYLEFT الذي يمنع احتكار مصادر المعرفة .
أعمال ستالمان كانت أساسا مهما لبناء موسوعة ويكيبيديا الحرة وأيضا كانت الأساس الذي بنيت علية العديد من التراخيص الحرة التي تعني بنشر حر للابداع الانساني المرئي والمسموع والمكتوب بالاضافة للعديد من البرمجيات العملاقة مثل لينكس نظام التشغيل الحر والعديد من المصادر والتقنيات التي تشكل جانبا مهما من حياتنا الرقمية اليوم وفي المستقبل .. و هو أيضاً "مبرمج بارع حيث كان يترأس عدة مشاريع مثل محرر إي ماكس ، والمصرِّف جي.سي.سي، والمدقق جي دي بي وهي كلها برامج تنتمي لمشروع جنو .


هدف الزيارة :


هذه الزيارة تحمل أهمية كبيرة لقطاعات التقنية ، التعليم ، الاعلام والحريات الانسانية عموما من حيث الفرص التي يمكن استغلالها للرقي بالمستويات التقنية والاقتصادية والانسانية للشعب الفلسطيني والحضارة الانسانية عموما ونقل فلسطين من استيراد التقنية والمعرفة الى انتاج التقنية ورفد المعرفة .


التوعية: تهدف الى نشر فلسفة البرمجيات الحرة في المجتمع الفلسطيني، وتوسيع قاعدة المجتمع المدرك لهذه البرمجيات. المجموعات المستهدفة هي: المؤسسات الأكاديمية العامة والخاصة، والقطاع العام (الوكالات الحكومية)، والقطاع الخاص (الشركات والمنظمات غير الحكومية). اما الفئات المستهدفة فتشمل صانعي القرار، والإدارات، والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات والمستخدمين النهائيين. وضع الفريق العامل أيضا مصفوفة تحدد شروط التوعية لكل قطاع في كل الفئات المستهدفة.
تطوير التطبيقات: بتطوير التطبيقات في مجالات التنمية المستهدفة. فقد تقرر استبعاد حلول المشاريع، وحصر هذه التطبيقات بالمؤسسات الأكاديمية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإشراك الطلاب إلى حد كبير على جميع المستويات. فقد أوصي بإنشاء مجموعة اهتمام خاصة بالرمجيات الحرة. هذه المجموعة من شأنها أن توفر للمجتمع الدعم التقني لتطوير تطبيقات جديدة للبرمجيات الحرة. نوعين من المشاريع تم تحديدها وهي: واحدة على أساس احتياجات المجتمع، واخرى على أساس الاحتياجات المحلية.



محطات الزيارة 
 
زيارة ستالمان الى مقر الرئاسة برام الله
و قام مستشار الرئيس لشؤون الاتصالات والمعلوماتية والتعليم التقني الدكتورصبري صيدم، بالنيابة عن الرئيس محمود عباس، باستقبال مؤسس حركة ومجتمع البرمجيات الحرة العالم ريتشارد ستالمان.
من جهته، رحب ستالمان بتطور مجتمع البرمجيات الحرة في فلسطين، مشددا على أهمية الحرية كخيار أساس في تعامل المجتمع الفلسطيني مع الإنترنت والبرمجيات، مؤكدا أن النهوض بالمجتمع يستوجب توفير كامل الإمكانيات لتطوير صناعة البرمجيات واللحاق بركب الدول المتطورة على أرضية العدالة والإنسانية.


زيارة ستالمان الى مقر اتحاد شركات تكنولوجيا المعلومات
تحدث عن فقدان هيئه عامه تحكمها بحواسيبها فهي فشلت في اداء واجبها تجاه المواطنين ولا يحق لها عمل ذلك ، لذلك كل برنامج تجاري في مؤسسه حكوميه هو بسبب فشل تلك المؤسسه في القيام بواجبها تجاه المواطنين وهذه البرامج ينبغي حذفها وينبغي الانتقال بشكل كلي الى البرمجيات الحره ، ولكن هناك سبب ثاني يدفعنا الى ذلك .. الدوله برمتها (جميعها) لديها مهمه وهي تنظيم المجتمع بما يضمن رفاهيته وحريته وهذا يشمل جميع مناحي الحياه ولكن فيما يتعلق بالبرمجيات فإن هذا يعني توجيه المجتمع نحو البرمجيات الحره بالاضافه الى ذلك سوف تحتاج الدوله دعما فنيا مما يدفع الى انشاء شركات دعم فني تقدم خدماتها للدوله ونفس هذه الشركات ستقدم خدماتها ايضا الى زبائن آخرين وعندما تفكر المؤسسات الغير الحكوميه و الشركات بإستعمال البرمجيات الحره سيجدون من يقدم لهم الدعم الفني وسيكتشفون عندها أن الدعم الفني للبرمجيات التجاريه هو دائما احتكار للسوق بينما الدعم الفني للبرمجيات الحره هو سوق حر وبالتالي سيجدون أنهم سيحصلون على دعم أفضل لذلك الدوله عبر قيادتها لهذا سوف تقوم بفتح الطريق للآخرين للحاق بها بسهوله .


زيارة ستالمان الى جامعة بيرزيت
بدأ ستالمان بنبذة تاريخية حول نشأة البرمجيات الحرة ، و ما الشروط التي يجب أن تتحقق في أي برنامج حتى يصبح حرا وهي أربعة:الحرية رقم صفر : حرية الاستخدام في أي غرض.الحرية رقم واحد : حرية توزيع نسخ من البرنامج من دون أي قيد.الحرية رقم اثنان: حرية الوصول إلى الشفرة المصدرية.الحرية رقم ثلاثة: حرية المشاركة في التطوير وتوزيع البرنامج المعدل.
البرامج هي نتاج لعمل الإنسان، و الإنسان بطبيعته يمكنه أن يرتكب أخطاء، و من هنا فإن البرامج المملوكة كالبرامج الحرة يمكن أن نجد بها أخطاء لكن بالنسبة للمملوكة لا يمكن إصلاحها و لا معرفة ما




زيارة ستالمان الى جنين والجامعة العربية الامريكية
قام محافظ جنين قدوره موسى في مكتبه باستقبال مؤسس حركة ومجتمع البرمجيات الحرة في العالم "ريشتارد ستالمان " .
ثم تهجّم العالم على البرامج المحتكرة وتحديداً وندوز وماكنتوش:
حيث ذكر بأن وندوز لا تعطيك حرية الاطلاع على مصدر الكود وهذا ما يثير في اذهاننا انه ربما هناك شيء ما في الكود كتسريب معلومات سرية او اي شيء آخر لا نتوقعه.وزيادة على أن البرنامج مدفوع، لا يمكنك مشاركته مع أصدقائك ولا يمكنك حتى التعديل عليه ليناسب متطلباتك واذا طلبت منهم التعديل سيقولون لك انتظر الاصدار القادم!
ثم تحدث عن أبل ماكنتوش ايضاً وذكر بأنه قد وصل الي انه تيقن من ان في ماكنتوش باب خلفي يسرب بيانات ليس لهم حق بالاطلاع عليها وزاد بالقول انه مسؤول عن هذا الكلام ومتأكد منه، حيث ذكر بعدها ان نظامَيْ وندوز وماكنتوش هي فايروسات بحد ذاتها !!
زيارة ستالمان الى جامعة النجاح الوطنية
ان الكثير يطلق عليه نظام تشغيل Linux وهو في الحقيقة GNU-Linux،
حيث أن لينكس هي مجرد النواة لنظام التشغيل هذا، ومع أن النواة تعتبر الأساس والجوهر لنظام التشغيل ولكنها غير مفيدة بحد ذاتها الا اذا كمّلها نظام تشغيل.فـ لينكس مجرد نواة للنظام ثم أتى مشروع جنو الذي ترأسه ريتشارد حيث اكمل على النواة وأنتج لنا هذا النظام الناجح وسموه GNU-Linux.لكن السيد ريتشارد ذكر انه مستاء من أن الناس لا يذكرون جهود مجموعة جنو ويقتصرون الاسم بلفظ Linux فقط.


زيارة ستالمان الى وزارة التربية والتعليم العالي
كان آخر ما تحدث عنه هو البرمجيات الحرة والتعليم، على جميع الجامعات والمدارس يجب ان تُدرّس منهج يعتمد في الاساس على البرمجيات الحرّة.
حيث ذكر أن الطالب عندما يتعلم نظام تشغيل مدفوع سيحتاج ايضا بعد التخرج ان يعمل غالباً على برامج مدفوعة وسيصبح اسير هؤلاء المحتكِرين.
بينما ايضا لا يجب ان نعلّم الطالب البرمجيات الحرة والغير حرة مع بعضها، وضرب مثالاً على هذا أنه لا يجب أن لا تعطي ابنك خمراً وماء وتجعله يختار مايريد، يجب أن تعلّم ابنك العادات الحسنة فقط، وتُبعد عنه العادات السيئة.وتطرق الى ان هناك توزيعات من النظام متخصصة في مجال التعليم.


وقد صرح حاتم زيود ممثل مجتمع البرمجيات الحرة الفلسطيني عقب زيارة وزارة التربية والتعليم العالي بكلمة قال فيها : تسعى مبادرة مجتمع البرمجيات الحرة من خلال هذه المبادرة إلى نشر الوعي بأهمية البرمجيات الحرة وتطبيقاتها العديدة و التعريف بالبرمجيات الحرة كخيار متوفر إلى جانب البرامج التجارية.
وأضاف زيود : سنحرص بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي على المساهمة في زيادة الوعي حول حقوق الملكية الفكرية من خلال تشجيع الجمهور على استخدام البرمجيات الحرة، وذلك للحد من استخدام البرامج الغير مرخصة ،وتنمية القدرات المتخصصة في مجال البرمجيات الحرة من خلال التدريب على تطوير المهارات والمعرفة اللازمة لاستخدام و تطوير ودعم هذه التطبيقات مما يسهم في تشجيع البحث والتطوير والإبداع في مجال البرمجيات الحرة و توفير كما سنوفر ونقدم الدعم اللازم لتطوير الحلول القائمة على البرمجيات الحرة.


نتائج زيارة العالم ريتشارد لفلسطين 
 
اولا : خلال الندوة التي عقدها العالم ستالمان بجامعة النجاح تم تدشين مبادرة مجتمع البرمجيات الحرة الفلسطيني من قبل العالم ريتشارد ستالمان منسقها الدكتور واصل غانم وممثلها حاتم زيود البرمجيات الحرة كإحدى مبادرات ومشاريع فلسطين الرقمية، تهدف إلى دعم وتشجيع وتبني مختلف الحلول والتطبيقات والبرمجيات التي يُعتمد عليها في التأسيس لقطاع تقنية المعلومات في فلسطين.
ثانيا :البرمجيات الحرة وتنيمة الاقتصاد المحلي
من الأشياء الأكثر إغراءا في فلسفة البرمجيات الحرة عند حكومات الدول النامية هي قوة البرمجيات الحرة في دفع عجلة التطور في الاقتصاد المحلي المتعلق بقطاع تقنية المعلومات، بغض النظر عن المميزات الأخرى من تقليل التكلفة الاقتصادية لاقتناء التقنية و احترام حقوق الملكية الفكرية في الدولة نفسها.
عتبر قضية احترام الملكية الفكرية أحد القضايا المعقدة والتي عادة ما تعتبر قضية في صالح الدول الكبرى في خضم الحصول على تنازلات من الدول النامية والضغط عليها، وبالرغم من القيم السامية المتعلقة باحترام الملكية الفكرية إلا أنها تأتي بثمن باهظ، فالناس اعتادت على استخدام البرمجيات والمواد الترفيهية من دون أن تفكر في الدفع وذلك راجعإن استخدام البرمجيات الحرة - والتي هي مرخصة قانونيا باستخدامها في العادة من دون مقابل- يقلل من القلق الحاصل من جراء قضية عدم احترام الملكية الفكرية، وهذا يساعد الحكومات على توفير مبالغ تصل بالملايين من قيمة التراخيص في تحسين خدماتها العامة وتوفير هذه المبالغ في مشاريع تنموية تخدم المجتمع بشكل أكثر فائدة. فقدت استطاعت الحكومات التي اعتمدت على البرمجيات الحرة في توفير ملايين الريالات التي كان يجب أن تدفعها للبرمجيات المملوكة واستخدامها في تطوير الخدمات الإلكترونية وتحسينها من مثل حكومة ماليزيا والبرازيل والهند.
هذا ما يتعلق بالقطاع العام، ولكن تنمية القطاع الخاص هو أحد أولويات الحكومات في هذا العصر، لأن العملية متكاملة فكلما تطور القطاع الخاص تطور معه القطاع العام لما يوفره الأول من خدمات وإمكانيات تمكن الثاني من توفير خدمات محسنة ومتطورة، لكن تقف في هذا التصور عقبة وهي أن الدول الكبرى استحوذت بالكامل على قطاع تكنولوجيا تقنية المعلومات بشركاتها الضخمة والعالمية في آن واحد، ومن المستحيل البدء من الصفر لمنافسة مثل هذه الشركات، مما يجعل الشركات المحلية شركات استهلاكية بالكامل لقطاع التقنية ولا توجد فرصة لتطورها.
غير أن استخدام البرمجيات الحرة واعتمادها بشكل عام، قد يساعد على تحسن قطاع التقنية بين الشركات المحلية، بما يخلقه من فرصة لهذه الشركات بأن تستغل المشاريع الحرة والمفتوحة المصدر لتقديم حلول تقنية منافسة للحلول التجارية التي تقدمها الشركات الضخمة.
هناك أربع محاور تقوم عليها البرمجيات الحرة لدفع عجلة الاقتصاد المحلي، المحور الأول هو تطوير الكفاءات المحلية للتعامل مع آخر مستجدات العالم التقني، فالبرمجيات الحرة تقوم على فلسفة منفتحة بحيث تشارك المعرفة للجميع بغض النظر عن البلد الذي تنتمي إليها، هذا يخلق فرصة عظيمة للكفاءات المحلية بأن تطور قدراتها العلمية والعملية بحيث ينفتح لها المجال للمشاركة والتطوير في أشهر التقنيات العالمية مما يخلق لهم فرصة للحصول على وظائف ذات مدخولات مرتفعة جدا.
المحور الثاني هو خلق أسواق جديدة لتطوير وتقديم الخدمات التقنية، فاستخدام البرمجيات الحرة في القطاع الحكومي والخاص يتطلب بشكل أساسي وجود شركات متخصصة في البرمجيات الحرة، لأن هذه البرمجيات لا تأتي بعقود دعم الفني والتدريب، ولكنها تترك هذه المهمة للشركات المحلية، هذا في المرحلة الأولى وهي خلق سوق الدعم الفني والتدريب على البرمجيات الحرة وهو مجال لا يمكن للشركات الضخمة أن تنافس فيه لأنها عندها حلولها التجارية المنافسة، أما المرحلة الثانية هي مرحلة البحث والتطوير والذي يختصر له R&D وهذا المجال تتنافس فيه الشركات بشكل كبير جدا، ويعتبر من أهم التقنيات التي يجب أن تستثمر في الدول لأنه عندما تستخدم التقنيات المتوفرة فأنت مجرد مستهلك في نهاية المطاف، بينما إذا كان قطاع البحث والتطوير متطور وقوي فأنت تصدر التقنية للعالم أجمع، وتجني من وراء ذلك أرباح طائلة. لذى تجد أن قطاع البحث والتطوير يحتل مرتبة أولى لدى الدول المتطورة.
المحور الثالث هو فرق كلفة التصنيع حيث أن فلسفة البرمجيات الحرة هي فلسفة تكاملية فأنت لست بحاجة إلى كتابة وتطوير كل شيء من الصفر، وهذا يخلق للبرمجيات الحرة فرصة تنافسية قوية مع البرمجيات المملوكة لأنها تطور في العادة من الصفر حتى يتسنى للشركات الدفاع عنها في حالة استخدامها من قبل أطراف غير مرخصين باستخدامها. ولتوضيح الصورة لنفترض أن مؤسسة حكومية تريد حلا تقنيا لإدارة المستندات عندها، في حالة الحلول المملوكة فإن الشركات تقوم بتطويرها من الصفر وهذا يكلف مبالغا ضخمة، بينما في حالة استخدام البرمجيات الحرة فإنه ليس من الشرط أن الشركة المحلية المقدمة للحل التقني قد قامت بتطوير الحل البرمجي بنفسها بل يكفي تخصيص حل حر جاهز ليناسب احتياجات المؤسسة الحكومية، وهذا يخلق فارق كبير في كلفة التصنيع بين الشركتين.
من جهة أخرى استخدام بنية تقنية تعتمد على أنظمة تشغيلية حرة مثل جنو/لينكس يوفر مبالغ كبيرة بالمقارنة مع بنية التقنية التي تعتمد على أنظمة تشغيلية مملوكة مثل مايكروسوفت ويندوز، هذه المبالغ يمكن استثمارها في الحصول على حلول التقنية أكثر تقدما وأداءا مما لو استخدمت بنية تحتية تعتمد على أنظمة مغلقة.
المحور الرابع هو تجنب تكرار الجهود وهذه نقطة مهمة في تسريع عجلة تطور الاقتصاد والبحث العلمي، فاستخدام وتطوير البرمجيات الحرة يجعل المجتمع يعمل على مشاريع معروفة بحيث يستثمر الجميع فيها وتتطور لخدمة الجميع، لا داعي مع البرمجيات الحرة بأن يعمل كل شخص لوحده فهي في النهاية عمل جماعي تشاركي يهدف إلى تقديم خدماته للجميع من دون قيود.
ثالثا : لماذا يجب استخدام البرمجيات الحرة في التعليم
تعتبر تكلفة اقتناء التقنية في المؤسسة التعليمية من الأشياء الثقيلة على كل إدارة في معظم المدارس في العالم حتى في أغنى الدول، وما يزيد الأمر سوءا أن كلفة الترخيصات للبرمجيات المملوكة مثل مايكرسوفت ويندوز ومايكروسوفت أوفيس تعتبر مرتفعة وغالية جدا مقارنة مع دخل المتوسط للفرد، هذا عدا عن قيمة البرمجيات المملوكة الأخرى من مثل أدوبي فوتوشوب وتي تفوق في بعض الأحيان قيمة العتاد نفسه.
هنا تبرز قيمة البرمجيات الحرة حيث أنها تتوفر بلا تكلفة في العادة للاستخدام، وهذا ما يساعد المدرسة أو المؤسسة التعليمية على توفير السيولة المادية لتطوير البنية التحتية أو إنفاقها على دورات تطويرية للمعلمين والطلبة أو توفيرها للمشاريع أكثر أهمية، هذا من جهة إدارة المؤسسة التعليمية، أما جهة الطلاب فإن استخدام البرمجيات الحرة يساعد الطلبة على استخدام التقنية بميزانية تناسب ميزانية الأسرة، بخلاف البرمجيات المملوكة التي تلزم بشراء رخص غالية لكل طالب أو فرد في الأسرة.
من الواقع العملي فإن نسبة استخدام البرمجيات غير المرخصة أو ما يطلق عليه قرصنة البرمجيات مرتفعة جدا وهذا ينعكس سلبا على الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الابتكار والتطوير، واستخدام البرمجيات المقرصنة في المدارس وعدم تنبيه الطلاب إلى أهمية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية سينعكس سلبا على المدى الطويل على مستقبل الإبداع الفكري في البلدإن استخدام البرمجيات الحرة وبما توفره من إمكانيات تناسب احتياجات الطالب والمدرس معا، تجعل استخدام البرمجيات المقرصنة فكرة سيئة ويجب الابتعاد عنها في كل الأحوال.
من النقاط الإيجابية في البرمجيات الحرة أنها تتميز بموثوقية واعتمادية كبيرة، بحيث أنها تعمل بالشكل الذي صممت له من دون مشاكل، ولا تواجه مشاكل في الثبات والاستقرار، فمن المعروف أن البرمجيات الحرة تتميز بأنها لا تحتاج إلى تهيئة دورية للنظام ولا تتأثر بالفيروسات المنتشرة بكثرة في عالم الإنترنتإن نقطة الثبات والاستقرار تجعل كلفة إدارة وصيانة الحواسيب تنخفض بشكل ملحوظ وتخف الأعباء على العاملين في الدعم الفني، وتظهر ثمرة هذا بانخفاض نسبة الانقطاع وتوقف الخدمات الذي يحصل دائما مع البرمجيات المملوكة والمعروفة لدى الجميع.
إن استخدام البرمجيات الحرة في المؤسسات التعليمية يساعد على بناء قدرات بشرية على المدى الطويل، لأن البرمجيات الحرة متوفرة للجميع من دون قيود، وأيضا تتوفر شفرتها الداخلية للدراسة والتطوير مما يتيح الفرصة للطلاب إلى التعرف على تقنيات متطورة ومتجددة وتضعهم في الطريق الصحيح للحاق بالركب التقني المتسارعقد يكلف استخدام البرمجيات الحرة مبدئيا بعض المال ولكن هذا المال يعتبر استثمارا للغد، استثمارا لتخريج جيلا جديدا لا يعتمد على الاستهلاك، بل عنده القدرة على الإبداع والتطوير والاعتماد على نفسه.
نأتي الآن إلى نقطة مهمة جدا في المحيط التعليمي وفلسفته، إن من أهم أهداف التعليم اليوم هو إعطاء المعرفة ومشاركتها بين الجميع، فالتعليم لا يهدف إلى حكر المعرفة على فئة معينة من الطلاب و المعلمين أو وضع قيود وعراقيل في طريقة اكتساب المعرفة، ومن جهة أخرى فإن من حق الشركات أن تضع قيودا على كيفية استخدام منتجاتها وهذا حتى تربح وتستمر في الإنتاجمن هذه النقطة ولدفع التعارض بين أهداف التعليم و أهداف الشركات، تأتي البرمجيات الحرة بطريقة تضمن للمؤسسات التعليمية بتحقيق أهدافها التعليمية وضمان أنها تستخدم آخر ما توصلت إليه التقنية.
تتمير البرمجيات الحرة بأنها ذات فلسفة منفتحه تناسب البيئات الأكاديمية والتعليمية، وتجعلها بيئة خصبة لتشجيع الإبداع والابتكار من دون التفكير كثيرا في نقطة الربح والخسارة والتي تضع البرمجيات المملوكة في المرتبة الثانيةوهنا يجب إلى أن ننتبه إلى نقطة مهمة وهي أن استخدام البرمجيات المملوكة في المؤسسات التعليمية يجعل هذه المؤسسات كوكالات دعاية للشركات البرمجيات وتجعل الطلبة مدمنين على منتج معين وتحرمهم من فرصة معرفة خيارات أخرى قد تلبي احتياجاتهم بشكل أفضلإن التعليم يجب أن يتميز بأنه يعلم المبادئ العامة للتقنية فبدلا أن يعلم كيفية استخدام فوتوشوب يجب عليه أن يعلم كيفية التعامل مع الصور بشكل عام ولا يحصر الطالب في برنامج معين، حتى يستطيع الطالب بعد التخرج أن يختار البرنامج المناسب الذي يلبي احتياجاته ويناسب الميزانية التي يستطيع توفيرها لهذا البرنامج .